توبه الام على يد ابنتها سبحان الله .....
--------------------------------------------------------------------------------
كانت فاطمة جالسة حين استقبلت والدتها جارتها التي قدمت لزيارتها ، وكادت الأم تصعق وهي تجد ابنتها لا تتحرك من مقعدها فلا تقوم بالترحيب معها بالجارة الطيبة الفاضلة التي بادرت - رغم ذلك –إلى بسط يدها لمصافحة فاطمة، لكن فاطمة تجاهلتها ولم تبسط يدها للجارة السائلة وتركتها لحظات واقفة باسطة يدها أمام ذهول أمها التي لم تملك نفسها من أن تصرخ فيها : قومي وسلمي على خالتك .
ردت فاطمة بنظرات لا مبالية دون أن تتحرك من مقعدها وكأنها لم تسمع كلمات أمها.
أحست الجارة بحرج شديد تجاه ما فعلته فاطمة ورأت فيه مساً بكرامتها ، وإهانة لها ، فطوت يدها الممدودة ، والتفتت تريد العودة إلى بيتها وهي تقول : يبدو أنني زرتكم في وقت غير مناسب ، عندها قفزت فاطمة من مقعدها وأمسكت بيد الجارة وقبّلت رأسها وهي تقول : سامحيني ياخالة فوالله لم أكن أقصد الإساءة إليك.
وأخذتها بلطف ورفق ومودة و إحترام ودعتها لتقعد وهي تقول لها : تعلمين يا خالتي كم أحبك وأحترمك.
نجحت فاطمة في تطييب خاطر الجارة ومسح الألم الذي سببته لها بموقفها الغريب غير المفهوم ، بينما أمها تمنع مشاعر الغضب من أن تنفجر في وجه ابنتها.
ثم قامت الجارة مودعة ؛ فقامت فاطمة تمد يدها إليها وتمسك بيدها الأخرى يد جارتها اليمنى لتمنعها من أن تمتد يدها إليها وهي تقول : ينبغي أن تبقى يدي ممدودة دون أن تمدي يدك إليّ لأدرك قبح ما فعلته تجاهك..!
لكن الجارة الفاضلة ضمت فاطمة إلى صدرها ، وقبلت رأسها ، وهي تقول لها : ماعليكِ ياابنتي ... لقد أقسمتِ أنك ما قصدت الإساءة.
ما إن غادرت الجارة حتى قالت الأم لفاطمة في غضب مكتوم : ما الذي دفعكِ إلى ذلك ؟
قالت فاطمة : أعلم أنني سببت لكِ الحرج يا أمي فسامحيني.
ردت أمها : تمد يدها وتبقين في مقعدك فلا تقفين لتمدي يدك وتصافحينها ؟!!
قالت فاطمة : أنت يا أمي تفعلين هذا أيضاً.
صاحت أمها : أنا أفعل هذا يا فاطمة؟!
قالت فاطمة : نعم ، تفعلينه في الليل والنهار !!
ردت أمها في حيرة : ماذا أفعل في الليل والنهار؟
قالت فاطمة : يمد إليكِ يده فلا تمدين يدك إليه!!
صرخت أمها في غضب : من هذا الذي يمد يده إليّ ولا أمد يديّ إليه؟
قالت فاطمة : الله يا أمي .. الله سبحانه يبسط يده إليكِ في النهار لتتوبي .. ويبسط يده إليكِ في الليل لتتوبي .. وأنت لا تتوبين .. لا تمدين يدك إليه تعاهدينه على التوبة.
صمتت الأم وقد أذهلها كلام ابنتها.
واصلت فاطمة حديثها : أما حزنتِ يا أمي حينما لم أمد يدي لمصافحة جارتنا وخشيت أن تهتز الصورة الحسنة التي تحملها عني .. أنا يا أمي أحزن كل يوم وأنا أجدك لا تمدين يدك بالتوبة إلى الله سبحانه الذي يبسط يده إليك بالليل والنهار .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )) رواه مسلم.
هل رأيت يا أمي .. ربنا يبسط يده في كل يوم مرتين .. فهل تقبضين يدك عنه ولا تبسطينها إليه بالتوبة؟
اغرورقت عينا الأم بالدموع.
واصلت فاطمة حديثها وقد ازدادت في رقتها : أخاف عليك يا أمي وأنت لا تصلين وأول ما تحاسبين عليه يوم القيامة الصلاة .. وأحزن وأنا أراك تخرجين من البيت دون الخمار الذي أمرك به الله سبحانه .
ألم تحرجي من تصرفي تجاه جارتنا .. أنا يا أمي أحرج أمام صديقاتي حين يسألنني عن سفورك وتبرجك بينما أنا محجبة !
سالت دموع التوبة غزيرة على خديّ الأم ، وشاركتها ابنتها فاندفعت الدموع غزيرة من عينيها ، ثم قامت إلى أمها التي احتضنتها في حنو بالغ وهي تردد : تبت إليك يا ربي .. تبت إليك.
